تقوم الشركات اليوم بتبني التقنيات الذكية، والاستفادة منها بشكل تدريجي لتطوير أعمالها، والحفاظ على قدرتها التنافسية في السوق، كما يفكر قادة المدن الأكثر تطورًا أيضًا في تبني تلك التقنيات الذكية بطرق مبتكرة لتطوير الخدمات العامة، وجعل الحياة اليومية للسكان أسهل وأبسط.
تسعى العديد من المدن حاليًا إلى الاستفادة من البيانات الضخمة، والتقنيات الناشئة مثل: الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، وإنترنت الأشياء، وما إلى ذلك، لتسهيل حياة السكان اليومية.
ففي السنوات القليلة الماضية؛ نمت المدن الذكية وتوسعت في جميع أنحاء العالم، وأصبحت أكثر ملائمة للعيش، وفي هذا السياق؛ تلعب الهواتف الذكية دورًا رئيسيًا في هذه المدن، حيث تقدم معلومات لحظية حول خدمات النقل، والخدمات الصحية، وحركة المرور، وتنبيهات الأمان، وأخبار المجتمع إلى الملايين من السكان.
أظهر تقرير شركة Navigant Research لأبحاث السوق؛ نمو الإيرادات السنوية لسوق تكنولوجيا المدن الذكية في العالم من 97.4 مليار دولارِِ في عام 2019 إلى 263 مليار دولارِِ بحلول عام 2028، مع توقع أن تصل الإيرادات التراكمية إلى 1.7 تريليون دولارِِ تقريبًا.
سلط التقرير الضوء على 443 مشروعًا يُغطي 286 مدينة حول العالم، وأشار إلى أن السوق لا يزال ينضج، حيث تحقق المزيد من المدن مستويات أعلى من التكامل بين الخدمات والحلول التي تعتمد على التكنولوجيا، مما يعزز البيانات والرؤى عبر قطاعات متعددة للعمليات والخدمات.
فيما يلي 8 مدن تستخدم البيانات الضخمة والتقنيات الناشئة بطرق مبتكرة لإعادة تشكيل الخدمات العامة:
1- مدينة لاس فيجاس Las Vegas:
تحتل مدينة لاس فيجاس المركز رقم 25 في قائمة المدن الأكثر ازدحامًا بالسكان في الولايات المتحدة، حيث بلغ عدد سكانها أكثر من 664 ألف نسمة، ويستضيف مسؤولو المدينة 43 مليون سائح كل عام، وتعمل على مدار 24 ساعة في اليوم، حيث تشتهر بفنادقها الجميلة، ومراكز التسوق، ومطاعمها الراقية.
اعتمدت المدينة على الحل الذكي الذي تقدمه شركة (هيتاشي) اليابانية؛ والذي يحمل اسم “Smart Spaces and Video Intelligence“، وهو مزيج من الأجهزة والبرامج التي تجمع بين قوة إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والتحليلات للحصول على أفضل النتائج من خلال جمع البيانات من كاميرات المراقبة، ومستشعرات إنترنت الأشياء، ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من المصادر المستخدمة بالفعل.
تستخدم المدينة هذا الحل لتوفير رؤى متكاملة تعتمد على البيانات لحركة السكان، والعمليات، وقضايا السلامة لحظيًا، واستغلال الموارد بشكل أكثر فعالية، مما يساعد في تعزيز السلامة العامة، والأمن، والمرور، والنقل العام، وحركة المطارات، والموانئ، وغير ذلك الكثير.
يساعد هذا الحل المدينة في التعامل مع مشاكل المرور لحظيًا، فإذا كان من المحتمل حدوث مشكلة في موقع معين، فإنه يمكن للمدينة إنشاء خرائط للشوارع والإشارة إلى طرق بديلة، واتخاذ خطوات لإصلاح المشكلة قبل أن تبدأ في التفاقم.
2- مدينة سول Seoul:
مدينة (سول) Seoul؛ هي عاصمة كوريا الجنوبية، ويعيش في هذه المدينة الكبيرة ما يقرب من 10 ملايين نسمة، وهي من أكبر المدن المتقدمة في العالم، حيث تجد ناطحات السحاب الحديثة، ومترو الأنفاق الذي يعمل بالتقنيات الحديثة، والمعابد، والقصور، ومراكز التسوق.
ونتيجة لعدد سكانها الكبير، أصبحت إدارة النفايات مجالًا مهمًا، وفي عصرنا الرقمي، أصبحت البيانات الضخمة، وإنترنت الأشياء جزءًا من الحل الذي يمكنه معالجة المشكلة بكفاءة.
قامت شركة Ecube Labs بتطوير حلول ذكية لإدارة النفايات في المدينة، وكانت هذه أول مشاريع المدن الذكية ظهورًا في كوريا الجنوبية.
توفر Ecube Labs حلًا شاملًا لإدارة النفايات الذكية باستخدام برنامج قائم على الحوسبة السحابية، ومتصل بأحدث مستشعرات إنترنت الأشياء، وتكنولوجيا حاويات ذكية، ويشمل ذلك مجموعة متكاملة من المنتجات هي:
- صناديق ضغط النفايات التي تعمل بالطاقة الشمسية (CleanCUBE)
- أجهزة استشعار مستوى التعبئة بالموجات فوق الصوتية (CleanFLEX)، من أجل مراقبة كمية النفايات في كل صندوق.
- منصة بيانات كبيرة تجمع البيانات من الصناديق (CleanCityNetworks).
- منصة (CCNx) تعمل على تحسين طرق التجميع اليدوية تلقائيًا، اعتمادًا على خوارزميات التعلم الآلي.
هذه الحلول تعمل على تحسين طرق جمع النفايات استنادًا إلى البيانات اللحظية، وتوفر تحليلات تنبؤية لتمكين اتخاذ القرار في وقت مبكر، كما تقلل التكاليف بشكل كبير.
توجد منتجات شركة Ecube Labs الآن في أكثر من 150 موقعًا في مدينة سول، بدءً من المنتزهات، والأماكن الترفيهية، والمناطق السياحية، وحتى المتاجر الكبرى، وفقًا لما ذكره غيوم ويل Guillaume Weil، مدير المشروع.
3- مدينة أمستردام Amsterdam:
مدينة أمستردام هي عاصمة هولندا، وتشتهر بتراثها الفني، والقنوات المائية التاريخية،حيث يوجد بها ما يقرب من 1800 جسر أي أكثر بكثير من أي مدينة أخرى في العالم.
كما تمتلك المدينة أول جسر صلب في العالم مصنوع بتقنية (الطباعة الثلاثية الأبعاد) 3D-printing، بطول 12 مترًا، عبر قناة Oudezijds Achterburgwal -أحد أقدم القنوات المائية في أمستردام – بمنطقة دي فالي De Wallen.
طورت الشركة الهولندية MX3D، روبوت مكون من ستة محاور يمكن أن يقوم بالطباعة الثلاثية الأبعاد على نطاق واسع، بالتعاون مع شركة البرمجيات الأمريكية Autodesk.
يدعم الجسر أجهزة استشعار مبتكرة تقوم بإرسال البيانات عبر خدمة حوسبة سحابية لمعالجتها وتحليل حركة المرور بالجسر، والسلامة الهيكلية، وتحديد العوامل البيئية مثل: جودة الهواء ودرجة الحرارة. كما يمكن للجسر إرسال التنبيهات عندما يتطلب الأمر إجراء صيانة.
4- مدينة سان فرانسيسكو San Francisco:
يبلغ عدد سكان مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية 884 ألف نسمة، وهذا ما دفع وكالة النقل بالمدينة (SFMTA) إلى التركيز على الأهداف الاستراتيجية لتحديد أولويات النقل التي لا تشتمل على سيارة.
يوجد في المدينة شبكة طرق مخصصة للتنقل بالدراجات، وتشتمل على العديد من أنواع البنية التحتية، مثل: مسارات مخصصة للدراجات، وأماكن لركن الدراجات، والطرق المشتركة، والمسارات متعددة الاستخدامات، وخرائط مخصصة لمسارات الدراجات Bike Map.
لتطوير ذلك؛ تستخدم وكالة النقل شاشات ذكية مؤتمتة لمراقبة بيانات الدراجات الرئيسية، والتي تُقيم سنويًا لتحليل نتائج استخدام الدراجات في المدينة، وباستخدام المعلومات من هذه الشاشات الذكية، أضافت الوكالة 10 أميال إلى شبكة طريق الدراجات bikeway network، وطورت 30 تقاطعًا جديد.
5- مدينة ستراتفورد Stratford:
تقع مدينة ستراتفورد على نهر (أفون) Avon جنوب غرب مقاطعة أونتاريو الكندية، وهي من أهم مدن العالم التي اعتمدت على التقنيات الناشئة لتطوير بينتها التحتية، ومن أهم مشاريعها ما يُعرف باسم (مشروع وقوف السيارات الذكي) Smart Parking.
غالبًا ما يكون إيقاف السيارات في المدن عملية مزعجة وتستغرق وقتًا طويلًا للوصول لمكان مناسب يمكن إيقاف السيارة فيه، ولكن إدارة بيانات المدن الذكية يمكن أن تخفف من هذا الضغط، من خلال التنظيم والاعتماد على التقنيات الجديدة. لذلك استثمرت مدينة ستراتفورد في التقنيات الجديدة حتى يتمكن السكان من قضاء وقت أقل في البحث عن مكان لوقوف السيارات.
قامت المدينة بتضمين أجهزة استشعار وقوف السيارات في الأسفلت في 78مكانًا لوقوف السيارات، لترسل هذه المستشعرات إشارات عبر شبكة لاسلكية توضح هل المكان به سيارات أم لا، وتُعرض المعلومات على الخريطة لحظيًا.
كما يوجد لوحة معلومات طورتها شركة Information Builders – وهي شركة متخصصة في حلول الذكية، وتحليل البيانات – تُظهر للمستخدمين المواقع الفارغة، والبيانات الأخرى بما في ذلك النسبة المئوية للأماكن المشغولة، ومتوسط الوقت الذي تقف فيه السيارة، وعدد السيارات التي استخدمت مكانًا معينًا في ذلك اليوم.
6- مدينة كوبنهاغن Copenhagen:
مع تضاؤل إمدادات الطاقة العالمية، والتأثير البيئي لأنواع معينة من الطاقة، يجب على المدن النظر بعناية في استخدامات الطاقة، كما أن ترشيد استخدام الطاقة يعتبر تحديًا كبيرًا تواجهه المدن الذكية باستخدام البيانات الضخمة.
عملت شركة Frederiksberg Forsyning للمرافق العامة في كوبنهاغن على تحسين شبكة الإمداد الخاصة بهم، ولكن موثوقية البيانات كانت أكبر مشكلة تواجهها، حيث تعتمد شركات المرافق غالبًا على العملاء لقراءات العدادات شهريًا أو سنويًا.
لمعالجة هذا الأمر، أنشأت الشركة شبكة اتصال عبر البلدية، ثم ثبتت أجهزة استشعار في خطوط أنابيبها لقياس الاستخدام من نقطة الإنتاج إلى المحطة الفرعية، ثم إلى العميل، وبدلاً من الاعتماد على الحصول على قراءات متكررة للعدادات في منازل، أصبح لديها 700 نقطة بيانات تعمل باستمرار لجمع قراءات العدادات لحظيًا، وقد ساعدهم ذلك في التقليل من فقد المياه، وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة.
7- مدينة Hague الهولندية:
تعتبر Hague من أهم المدن الهولندية جذبًا للسياح من خلال وجهاتها السياحية العديدة، لذلك قام مكتب بلدية المدينة ببحث إمكانية تطوير خيارات الإضاءة في المدينة، ليس فقط باستخدام أضواء الشوارع الجذابة، ولكن باستخدام آلية جديدة لتحسين أداء الطاقة والتحكم فيها عن بُعد لحظيًا.
ولتنفيذ ذلك؛ قامت شركة DE NOOD الرائدة في حلول إنارة الشوارع الكلاسكية، بالتعاون مع شركة Tvilight لحلول الإضاءة الذكية، من أجل تركيب نظام إضاءة ذكي، واستخدموا أحدث تقنيات إدارة بيانات المدن الذكية لتوفير مستوى تحكم أفضل، حيث تعمل أنظمة الاستشعار المدمجة في أنظمة الإضاءة في المدينة على تمكين المصابيح من ضبط درجة سطوعها تلقائيًا استنادًا إلى التواجد البشري في محيطها.
8- مدينة بروكسل Brussels:
تتكون خدمات النقل في مدينة بروكسل من 4 خطوط قطارات، و 17 خطًا للترام، و 50 خطًا للحافلات، الشركة التي تدير هذه الخدمات، والتي تحمل اسم STIB – MIVB، تتعقب ما يصل إلى 400 مليون رحلة سنويًا، و 1200 حافلة، وللاستفادة من هذه البيانات الضخمة، تعاونت مع شركة SAP الألمانية للبرمجيات، وشركة Cubis لتحليل البيانات، للوصول إلى التحليلات المطلوبة لتعزيز خدمة العملاء، وتشغيل النظام بشكل أكثر كفاءة مع تحسين تجربة المسافرين، والزوار.
أتاح هذا التعاون تعزيز كفاءة عمليات الصيانة الوقائية للمركبات، وشفافية أكبر عندما يتعلق الأمر باستخدام الأموال العامة، والقدرة على تلبية احتياجات المسافرين ذوي الإعاقة، وتقليل معدلات التلوث البيئي.
يقول برايان دافي Brian Duffy، الرئيس الإقليمي لشركة SAP في شمال أوروبا، والشرق الأوسط، وأفريقيا: “المدن مليئة بالبيانات التي يمكن أن تساعدنا في فهم أوقات السفر، والطرق، ونقاط الازدحام على الشبكة بشكل أفضل، وإذا استُخدمت هذه البيانات بالطريقة الصحيحة يمكنها أن تساعد الأشخاص على الوصول إلى وجهتهم بشكل أسرع”.
البوابة العربية للأخبار التقنية 8 مدن ذكية تستخدم البيانات الضخمة لتطوير الخدمات العامة
from البوابة العربية للأخبار التقنية http://bit.ly/2XumMps
via IFTTT
محول الأكوادإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء الإبتسامات