100 100 100

“أستحلفك بالله أن تنشرها لجميع أصدقائك”: رأي حول تقييد واتساب لإعادة تمرير الرسائل

واتساب

وصلتني على الواتساب مؤخرًا رسالة شهيرة يتم إعادة نشرها على نطاق واسع كل فترة بعنوان “مواقع يهودية بأسماء إسلامية”. وتُحذّر الرسالة من بعض المواقع التي تحمل أسماءًا تبدو في ظاهرها إسلامية لكنها تُقدم في محتواها صورة مشوّهة عن الإسلام وفقًا للرسالة.

وبالطبع يحث نص الرسالة على إعادة نشرها “لأكبر عدد ممكن من المُسلمين” كي يعرفوا بأمر هذه المواقع ويتجنبوها. المشكلة الوحيدة هنا هي أن الرسالة تتضمن عناوين المواقع المذكورة بروابط يمكنك الضغط عليها والذهاب إلى الموقع مباشرةً. بمعنى آخر، فإن هذه الرسالة التي تُحذر في ظاهرها من هذه المواقع، إن هي إلّا تُساهم بنشرها على نطاقٍ واسع. ولا شك لديّ أن المؤلّف الأصلي لهذه الرسالة (التي تم إعادة تمريرها بجهلٍ ملايين المرات) يُريد فعلًا نشر هذه المواقع وجلب الزيارات لها عبر هذه الدعاية المجانية التي ينشرها الناس طوعًا.

وفي مرةٍ أخرى، وصلتني رسالة تبدأ بالعبارة التالية: “أٌقسِم بالله العظيم أني سأقوم بنشر هذه الرسالة إلى جميع معارفي”. ثم يلي ذلك المعلومات التي تريد الرسالة تمريرها وقد نسيت موضوعها الآن لكنها كانت شيئًا سخيفًا بالطبع كالحديث عن نظرية مؤامرة ما أو عن فوائد الشمندر السكري في محاربة السرطان التي يُخفيها “علماء الغرب”، أو أي شيء آخر من هذه التفاهات. المشكلة أن الرسالة وصلتني من صديق مُثقف جدًا وواسع الاطّلاع ولا أتوقّع منه إرسال مثل هذه الرسائل، وعندما سألته عن الأمر أجاب المسكين بأن القَسَم الذي قرأه لا إراديًا في بداية الرسالة جعله مُجبرًا على إعادة تمريرها حتى لو لم يوافق على المحتوى! لا شك أن المؤلف الأصلي للرسالة يضحك مطولًا على صديقي وأمثاله.

انشرها ولك الأجر

قد ترى بأن إعادة نشر رسائل تسخيف العقول و(إن لم تنشرها فاعلم أن الشيطان منعك) هي موضوع مثير للضحك والسخرية ليس أكثر، ولا ضرر حقيقيًا منه. لكن في الواقع لو نظرنا بشكلٍ أوسع إلى الموضوع من زاوية أخرى، وهي السهولة الكبيرة التي باتت وسائل التواصل الاجتماعي توفرها في إعادة نشر وتمرير الرسائل، سترى بأن الموضوع قد يؤدي إلى نتائج خطيرة بالفعل، وهو ما دعا واتساب مؤخرًا إلى تقليص عدد الرسائل التي يُمكن إعادة تمريرها مرةً واحدة.

جرائم قتل في الهند

في الهند مثلًا، انتشرت شائعة عبر واتساب تفيد بوجود عصابة تقوم بقتل الناس لبيع أعضائهم، وتُفيد الرسالة بوجوب توخي الحذر من هذه العصابة. وبالتأكيد قام معظم من وصلتهم الرسالة بإعادة تمريرها لجهات الاتصال لديهم قبل التأكد من صحة ما ورد فيها. مع الوقت أصبحت هذه الرسالة بمثابة معلومة لا شك فيها لدى الناس. وقد تعرض أكثر من عشرين شخصًا بريئًا لاعتداءات كثيرة تراوحت ما بين الضرب والإهانة إلى القتل لمجرد أن آخرين شكّوا -لسببٍ من الأسباب- بأن الضحايا هم من أفراد العصابة غير الموجودة أساسًا.

خطوة محمودة من واتساب

لمحاربة انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة، قامت واتساب مؤخرًا بتعديل يؤدي للحد من إمكانية تمرير الرسائل بشكل جماعي.

سيجد مستخدمو واتساب بدءًا من هذا الشهر أنه بات من الأصعب إعادة نشر الرسائل. حيث لن يعود من الممكن تمرير الرسالة إلى أكثر من عشرين شخصًا مرةً واحدة بعد أن كان من الممكن تمرير الرسالة إلى مائة شخص في كل مرة. أما في الهند فقد تم تقليص هذا العدد إلى خمسٍ فقط.

أزالت واتساب أيضًا زر “التمرير السريع” الذي يظهر تحت مقاطع الصوت والفيديو والصور. ما يتطلب خطوةً إضافيةً لتمرير مثل هذا المحتوى.

حلٌّ ناجع؟

السؤال هنا: هل سينجح هذا فعلًا في الحد من نشر الرسائل التي تتضمن معلوماتٍ خاطئة سواء تلك التي تتحدث عن “فوائد السمسم في علاج السرطان” أو تلك الأكثر خطورة التي انتشرت في الهند؟

هذا بالطبع لن يُنهي وجود مثل هذه الرسائل، لكن من الممكن أن يحد منها فعلًا. وفي الحقيقة كنت أتمنى أن تُحدد واتساب النشر في كل مرة بخمس جهات اتصال فقط لكل العالم وليس في الهند فقط. لكن على جميع الأحوال فإن تصعيب إعادة تمرير الرسائل سيكون له فائدتين:

  1. الجهد الإضافي المطلوب قد يجعل من يريد تمرير الرسالة يشعر بالملل. في النهاية قد يسأل نفسه: “هل تستحق الرسالة حول فوائد الفستق الحلبي في معالجة السرطان كل هذه الجهد”؟
  2. نأمل بأن هذا الجهد الإضافي قد يدفع بالشخص إلى إعادة التفكير فعلًا بصحة المحتوى قبل تمريره

محاربة الأخبار الكاذبة معركة ما زالت طويلة

يجب ألا ننسى بأن الأمر لا يقتصر على واتساب، حيث يتم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من جهات مختلفة لأشياء مثل التلاعب بالرأي العام عبر نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة. وقد أشارت بعض التقديرات بأن 40% من الأمريكيين قد قرأوا واحدةً على الأقل من المنشورات الروسية على فيسبوك والتي كانت تهدف إلى التأثير على نتائج الانتخابات الأمريكية عبر إثارة النعرات العرقية ونشر الأخبار الكاذبة.

جميع الشركات الكبرى مثل جوجل وفيسبوك وتويتر لديها واجب تجاه الحد من مثل هذه الرسائل، ورغم أن الشركات المذكورة بدأت فعلًا بمثل هذه الخطوات إلا أن هذا ليس كافيًا بعد. في حالة واتساب مثلًا، أعتقد أنه يتوجب على الشركة مثلًا تطوير خوارزميات يمكنها تمييز الرسائل التي يتم تمريرها على نطاق كبير وإرفاقها بتحذير يُشير إلى احتمال وجود معلومات كاذبة ضمن الرسالة.

ما هي برأيك الخطوات التي يجب على الشركات اتخاذها للحد من انتشار المعلومات الكاذبة؟ هل يحمل المُستخدم الواعي أيضًا مسؤولية تُحتّم عليه تنبيه المُرسلين بخطأ إرسال مثل هذه الرسائل لدى تلقيها؟ دعنا نعرف رأيك ضمن التعليقات.

التدوينة “أستحلفك بالله أن تنشرها لجميع أصدقائك”: رأي حول تقييد واتساب لإعادة تمرير الرسائل تم نشرها أولًا في أردرويد.



from أردرويد https://ift.tt/2uYBgP9
via IFTTT